أمم أوروبابطولات عالميةكرة قدممنتخبات

كأس أوروبا.. سترلينج المقاتل ينتشل إنجلترا من كوابيس الماضي

قد تكون إنجلترا مهد كرة القدم، وصاحبة أحد أهم الدوريات المحلية وأكثرها حماسة وإثارة في القارة العجوز، لكن تاريخها على صعيد المنتخب الوطني ليس غنيًا على الإطلاق مقارنة بعمالقة أوروبا الآخرين.

ويبقى لمنتخب إنجلترا لقبه الوحيد في المونديال الذي نظمته عام 1966 وتوج به على حساب ألمانيا الغربية، بفضل هدف ما زال موضع شك وجدل حتى الآن.

لكن رحيم سترلينج انتشل بلاده من كوابيس الماضي، وأبى أن يفوّت عليها فرصة الاستفادة من استضافة مبارياتها في نهائيات النسخة الـ16 من كأس أوروبا، وقادها إلى تحقيق فوزها الأول في الأدوار الإقصائية منذ نسخة 1996 التي أقيمت على أرضها، وذلك على حساب عقدتها التاريخية ألمانيا.

سترلينج
سترلينج

سجل جناح مانشستر سيتي هدفي “الأسود الثلاثة” في دور المجموعات، ثم مهد الطريق أمامهم لفك العقدة الألمانية حين سجل الهدف الأول في مباراة يوم الثلاثاء الماضي، قبل أن يقضي القائد هاري كين على آمال “مانشافت” بإضافة الهدف الثاني في الدقائق الأخيرة من اللقاء.

والآن، ترك سترلينج، ورفاقه في فريق المدرب جاريث ساوثجيت، معقلهم “ويمبلي” وانتقلوا إلى العاصمة الإيطالية روما، من أجل مواجهة أوكرانيا غدًا السبت في ربع النهائي.

ويأمل الإنجليز في العودة إلى لندن لخوض مباراتين أخريين، أي لخوض نصف النهائي والمباراة النهائية، التي ستكون الأولى لهم في البطولة القارية، والثانية فقط على صعيد البطولات الكبرى بعد مونديال 1966 الذين فازوا به 4-2 على ألمانيا الغربية بعد التمديد، بفضل هدف ثالث احتسب لجوفري هيرست (صاحب ثلاثية في اللقاء) من دون أن يكون واضحًا إذا تجاوزت الكرة بأكملها خط المرمى، بعدما ارتدت من العارضة.

سترلينج
سترلينج

وبعدما مر مرور الكرام بمشاركاته الثلاث السابقة في بطولة كبرى، فرض سترلينج نفسه نجمًا لإنجلترا في مشاركته الكبرى الرابعة، ليُنسي بذلك الجمهور الإنجليزي خيبة الخروج من دور المجموعات لمونديال 2014، وبعدها بعامين حَرَج الخروج من ثمن نهائي كأس أوروبا 2016 على يد أيسلندا.

وكان سترلينج من أكثر اللاعبين عُرضةً للانتقادات بعد خيبة الخروج من تلك النهائيات، لدرجة أنه وصف نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي بـ”المكروه” مع اضطراره إلى التعامل مع القصص السلبية التي صدرت بشأنه في وسائل الإعلام، منتقدةً أسلوب حياته وأمورًا أخرى.

لم ينسَ سترلينج الطريقة التي عومل بها من قبل الصحافة. وفي 2018، وبعد أشهر من مساعدة إنجلترا على الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم من دون أن يتمكن من الوصول إلى الشباك، تعرض للإهانة العنصرية أثناء اللعب مع مانشستر سيتي في ملعب تشيلسي.

سترلينج
سترلينج

واستخدم سترلينج إنستجرام لتحدي المؤسسات الإعلامية في تصويرها للاعبين السود الشباب، معتبرًا أنها تغذي “العنصرية والسلوك العدواني”.

ورغم أنه لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره، يعتبر سترلينج من عناصر الخبرة في المنتخب الإنجليزي مع 65 مباراة دولية في جعبته حتى الآن، وهو يمثل الشجاعة والضمير الاجتماعي الذي جعل فريق ساوثجيت يحظى بالاحترام داخل وخارج الملعب.

وفي مواجهة صيحات الاستهجان من بعض مشجعيهم، واصل لاعبو إنجلترا الركوع قبل كل مباراة في البطولة لتسليط الضوء على الكفاح ضد الظلم العنصري. واعتاد سترلينج تسخير الانتقاد الموجه له كدافع لإثبات خطأ المشككين.

سترلينج
سترلينج

قبل بدء كأس أوروبا الحالية، كانت هناك دعوات لاستبعاده عن تشكيلة ساوثجيت بعد الأداء المخيب الذي قدمه في نهاية موسمه مع سيتي، ما أدى إلى تهميشه لصالح زميله الشاب فيل فودن.

لكن فودن كان من بين مهاجمين عدة يشاهدون سترلينج من دكة البدلاء وهو يسجل هدف التقدم لإنجلترا في مرمى ألمانيا خلال مباراة الثلاثاء، في ثمن النهائي، مسجلاً هدفه الثالث في أربع مباريات خلال هذه النهائيات.

وإدراكًا منه بأن سترلينج يتغذى من الانتقادات الموجهة له من أجل الرد في أرضية الملعب، قال ساوثجيت بعد الفوز الأول على ألمانيا في الأدوار الإقصائية منذ مونديال 1966 “رجاء، واصلوا طرح الأسئلة بشأنه لأنه إذا لم يكن بمقدورنا (كطاقم تدريبي) تحفيزه، فأنتم بالتأكيد قادرون على ذلك” بأسئلتهم المشككة به.

سترلينج
سترلينج

ورأى ساوثجيت أن سترلينج “مقاتل. لديه قدر هائل من التحمل والتعطش. لقد طَوَّرَ خلال الأعوام القليلة الماضية تعطشًا حقيقيًا للتسجيل”.

وتابع “اندفاعه مذهل. نحن نعرف رحلته مع المنتخب الإنجليزي وأنا سعيد جدًا لتمكنه من تقديم العروض التي قدمها”.

وبعدما سجل هدفين فقط في مبارياته الـ45 الأولى مع المنتخب الإنجليزي، ضد المنتخبين المتواضعين إستونيا وليتوانيا، نجح سترلينج، المولود في جامايكا، في الوصول إلى الشباك 15 مرة في مبارياته العشرين الأخيرة.

ويأمل أن يواصل على هذا المنوال من أجل قيادة بلاده إلى لقبها القاري الأول، ما سيشكل أفضل رد له على من انتقده، أو قلل من قيمته كلاعب وإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى