أمم أوروباكرة قدممنتخبات

أمم أوروبا.. آمال مؤجلة وكرة تعاند الدوران

أربعة وعشرون متنافسا، كرة مستديرة وجائحة لمنعها من الدوران. هذا هو حال نهائيات أمم أوروبا التي تنطلق منافساتها في 11 حزيران/يونيو بصيغة غير مسبوقة في القارة العجوز، وتعد بنزال كبير لإطاحة برتغال كريستيانو رونالدو عن العرش، شرط مراوغة الوباء.

بعد خمس سنوات من تتويج البرتغال بنسخة العام 2016 في فرنسا، تحلم أفضل منتخبات القارة أن تأخذ دورها على منصة التتويج، بدءا من فرنسا بطلة العالم، مرورا ببلجيكا وجيلها الذهبي، وإنجلترا وشبابها الجريء، وصولاً إلى البرتغال نفسها الساعية إلى الدفاع عن اللقب.

وأطلق مدرب البرتغال فرناندو سانتوس تحذيراً مسبقاً قائلاً “نحن مرشحون للفوز باللقب. سأغادر بالقناعة نفسها بأن البرتغال يمكن أن تفوز بهذه البطولة”.

يحلم هو ونظرائه الـ23 جميعاً بالوصول إلى المباراة النهائية، المقرر إجراؤها في 11 تموز/يوليو على ملعب ويمبلي الأسطوري في لندن، مهد الرياضة الأكثر شعبية في القارة العجوز منذ أكثر من قرن ونصف القرن.

لكن قبل أن تبدأ الكرة في التدحرج خلال المباراة الافتتاحية بين تركيا وإيطاليا في 11 حزيران/يونيو في روما، عرفت هذه النسخة السادسة عشرة من البطولة أشد الصعوبات.

بعدما كان حلماً للفرنسي ميشال بلاتيني عندما ترأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) من أجل توحيد القارة حول الذكرى الستين للحدث الرياضي، فإن هذه النسخة الموزعة في 11 مدينة من 11 دولة، تظهر اليوم كتحدٍّ لوجستي لنقل المنتخبات ووسائل الإعلام والمشجعين من لندن إلى باكو.

تحوّل فيروس كورونا أيضاً إلى كابوس صحي، أدى في البداية إلى تأجيل المنافسة لمدة عام، تبعه غموض وتشكيك حيال انعقادها زماناً ومكاناً.

وجب الانتظار حتى 23 نيسان/أبريل لمعرفة هوية المدن الـ11 المضيفة. ضحى ويفا ببلباو ودبلن، ودُعيت إشبيلية للمشاركة، فيما منحت لندن وسان بطرسبرغ مزيداً من المباريات.

وما زاد من تعقيد الاستعدادات، هو مطالبة الاتحاد الأوروبي السلطات المحلية الالتزام بأن تكون كل المباريات مفتوحة أمام الجماهير، رغم انعدام اليقين بالوضع الصحي مع تفشي طفرات جديدة معدية من كوفيد-19.

وبمجرد تأكيد اختيارها كمضيف، أثارت مدينة ميونيخ الألمانية شكوكاً جديدة، إذ أكد رئيس بلديتها أنه لم يكن هناك “أي وعد من أي نوع لضمان حضور المتفرجين”.

في كلتا الحالتين، ستبقى السعة في معظم الملاعب جزئية، كإجراء احترازي، بما يكفي لإعطاء صورة أكثر تقشفاً بالحضور للبطولة، على غرار الألعاب الأولمبية المرتقبة في طوكيو بين 23 تموز/يوليو و8 آب/أغسطس المقبلين، حتى وإن وعد ويفا ببطولة “آمنة واحتفالية”.

يعتمد أمن البطولة بشكل أساسي على “الفقاعات” للمنتخبات، بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات للمشجعين، من خلال وصول متعاقب إلى الملعب والتطهير والتباعد.

ولا تزال هناك بعض الشكوك التي تجب إثارتها، مثل احتمالية أن تلحق الجماهير منتخباتها من دولة إلى أخرى، إذ لا يضمن الاتحاد الأوروبي أي إعفاء من الحجر.

بالنسبة لكرة القدم الأوروبية التي غرقت بأزمة مالية خانقة مع توقف المسابقات في ربيع 2020، بسبب الجائحة، ثم استئنافها خلف أبواب مغلقة، فإن كأس أوروبا تعتبر أيضاً مصدراً مالياً: منذ العام 2018، خطّط ويفا لتوزيع 371 مليون يورو على 24 مشاركاً.

كل منتخب يخسر كل مبارياته يحصّل 9,25 مليون يورو، فيما تكون حصة البطل 34 مليون يورو.

وستغطي عائدات البطولة، لا سيما حقوق البث التلفزيوني الغزيرة، نفقات قيمتها 775 مليون يورو تم دفعها إلى 55 اتحاداً أوروبياً بين عامي 2020-2024 تحت مسمى الـ”تضامن”، وتتقاسم الأندية 200 مليون يورو في ما بينها.

على الصعيد الرياضي، تشهد البرتغال نهاية فترة حكمها للكرة الأوروبية على مدى خمس سنوات، بدأت بالفوز المفاجئ لتشكيلة أكثر استحقاقاً منها إمتاعاً ضد المنتخب الفرنسي المضيف في 2016.

وبقيادة رونالدو البالغ 36 عاماً، يظهر المنتخب البرتغالي متراجعاً في التوقعات، خلف الحرس الإنكليزي الشاب أو بلجيكا.
الفريق الآخر المرشح للفوز بالبطولة، فرنسا بطلة العالم التي عزّزت صفوفها بعودة كريم بنزيمة بعد غيابه لأكثر من خمس سنوات عن التشكيلة.

ولكن لتحقيق ثنائية مونديال-يورو على غرار 1998-2000، يتعيّن على “الديوك” الخروج من مجموعة صعبة تضم البرتغال وألمانيا.

وقال المدرب الفرنسي ديدييه ديشان في مقابلة مؤخراً إنه “من الواضح أن التطلعات مهمة بسبب النجاح الذي حققناه. إنه هدف هذه المجموعة وهذا الجيل”.

برغم النزال المرتقب والآمال الفنية المرتفعة، يبدو مستحيلاً أن تشهد البطولة الحالية مستوى عالياً، إذ أن غالبية اللاعبين أنهوا موسمهم بسبب السياق الصحي والتغييرات في الروزنامة والاستعدادات الصيفية المقتطعة. لكن الكرة على وشك التدحرج، وكل أوروبا تأمل في الانقلاب.

زر الذهاب إلى الأعلى